هذه قراءة في كتاب «ميلاد مجتمع» للأستاذ مالك بن نبي، أحد أعظم وأشهر روَّاد فكر النهضة في العصر الحديث، ويُعَدُّ هذا الكتاب صغير الحجم مرآةً كاشفةً لجميع أفكاره في بقية كتبه، فلا يُقرأ بمعزِلٍ عنها، وهذا ما حاولت فعله؛ إذ استدعيت في حاشية القراءة إضاءاتٍ من كتابه «شروط النهضة»، خاصةً فيما يتعلق بأثر الفكرة الدينية، وقد اعتمدت في هذه القراءة على تحليل نص المؤلف وإعادة هيكلته بوضع عناوين فرعية تزيد من إضاءة الفكرة وقدح زناد تأمُّلها، ما ساعدني في ترصد أدوات الكتاب التي قام عليها بناؤه، ومنها مصطلحات مثل: المجتمع، والروح، والحضارة، والثقافة.
وكان الهدف أولًا هو عرض أفكار الكتاب، ثم التعرف إلى أدواته التي قام عليها بناؤه التحليلي، وكذا التعرف إلى نظرية فلسفية تاريخية كامنة فيما ورائيات هذا النص، وبعد التثبُّت من هذا المطلب ألمحتُ إلى أصالتها من عدمه، وانتهيت منها إلى أن مالك بن نبي كان يؤسِّس فلسفة تاريخية خاصة به، لكنه في الوقت نفسِه لم يبعد في أصل فكرته عن ابن خلدون وغيره كما أشرت في أثناء القراءة.
وتهدف هذه القراءة إلى استكشاف المعالم الرئيسة للمشروع الإصلاحي عنده، التي تُعنى أصالةً بمعالجة مشكلة التخلُّف، وقد انبثقت تلك الغاية من مشروعه الأكبر حول النهضة الحضارية ودورتها ومشكلتها، وهو ما تمثَّل في عنايته بأدوات علم فلسفة التاريخ وروَّاده بوصفهم أدوات قراءة للمشهد الحالي في مسرح تاريخ العرب، وخاصةً الحالة الجزائرية.
كن أول من يراجع “ميلاد مجتمع”